عمر عضو مميز
![عضو مميز عضو مميز](https://2img.net/i/itest/ranks/default/default4.gif)
![عمر](https://2img.net/u/1712/72/33/55/avatars/24-32.jpg)
عدد الرسائل : 118 العمر : 49 الموقع : مصرى مقيم بمكه المكرمه 25/03/2009
![فى رحاب ايه - صفحة 2 Empty](https://2img.net/i/empty.gif) | موضوع: رد: فى رحاب ايه الجمعة أبريل 03, 2009 12:39 pm | |
| ثم يفتح لهم ـ وهم في مواجهة العذاب والهلاك ـ باب المغفرة والتوبة، ويطمعهم في رحمة الله والقرب منه بأرق الألفاظ وأحناها:
{ واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه، إن ربي رحيم ودود }.. وهكذا يطوف بهم في مجالات العظة والتذكر والخوف والطمع، لعل قلوبهم تتفتح وتخشع وتلين.
ولكن القوم كانوا قد بلغوا من فساد القلوب، ومن سوء تقدير القيم في الحياة، وسوء التصور لدوافع العمل والسلوك، ما كشف عنه تبجحهم من قبل بالسخرية والتكذيب:
{ قالوا: يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول، وإنا لنراك فينا ضعيفاً، ولولا رهطك لرجمناك، وما أنت علينا بعزيز }.
.
فهم ضيقو الصدور بالحق الواضح، لا يريدون أن يدركوه:
{ قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول }..
وهم يقيسون القيم في الحياة بمقياس القوة المادية الظاهرة:
{ وإنا لنراك فينا ضعيفاً }..
فلا وزن عندهم للحقيقة القوية التي يحملها ويواجههم بها.
{ ولولا رهطك لرجمناك }..
ففي حسابهم عصبية العشيرة، لا عصبية الاعتقاد، وصلة الدم لا صلة القلب. ثم هم يغفلون عن غيرة الله على أوليائه فلا يضعونها في الحساب.
{ وما أنت علينا بعزيز }..
لا عزة التقدير والكرامة ولا عزة الغلب والقهر. ولكننا نحسب حساب الأهل والعشيرة!
وحين تفرغ النفوس من العقيدة القويمة والقيم الرفيعة والمثل العالية؛ فإنها تقبع على الأرض ومصالحها القريبة وقيمها الدنيا؛ فلا ترى حرمة يومئذ لدعوة كريمة، ولا لحقيقة كبيرة؛ ولا تتحرج عن البطش بالداعية إلا أن تكون له عصبة تؤويه؛ وإلا أن تكون معه قوة مادية تحميه. أما حرمة العقيدة والحق والدعوة فلا وزن لها ولا ظل في تلك النفوس الفارغة الخاوية.
وعندئذ تأخذ شعيباً الغيرة على جلال ربه ووقاره؛ فيتنصل من الاعتزاز برهطه وقومه؛ ويجبههم بسوء التقدير لحقيقة القوى في هذا الوجود، وبسوء الأدب مع الله المحيط بما يعلمون. ويلقي كلمته الفاصلة الأخيرة. ويفاصل قومه على أساس العقيدة، ويخلي بينهم وبين الله، وينذرهم العذاب الذي ينتظر أمثالهم، ويدعهم لمصيرهم الذي يختارون:
{ قال: يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهرياً؟ إن ربي بما تعملون محيط. ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل، سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب }..
{ أرهطي أعز عليكم من الله؟ }..
أجماعة من البشر مهما يكونوا من القوة والمنعة فهم ناس، وهم ضعاف، وهم عباد من عباد الله.. أهؤلاء أعز عليكم من الله؟.. أهؤلاء أشد قوة ورهبة في نفوسكم من الله؟
{ واتخذتموه وراءكم ظهرياً }..
وهي صورة حسية للترك والإعراض، تزيد في شناعة فعلتهم، وهم يتركون الله ويعرضون عنه، وهم من خلقه، وهو رازقهم وممتعهم بالخير الذي هم فيه. فهو البطر وجحود النعمة وقلة الحياء إلى جانب الكفر والتكذيب وسوء التقدير.
{ إن ربي بما تعملون محيط }..
والإحاطة أقصى الصور الحسية للعلم بالشيء والقدرة عليه.
إنها غضبة العبد المؤمن لربه أن يستباح جلاله ـ سبحانه ـ ووقاره. الغضبة التي لا يقوم إلى جوارها شيء من الاعتزاز بنسبه ورهطه وعشيرته وقومه.. إن شعيباً لم ينتفخ ولم ينتفش أن يجد القوم يرهبون رهطه، فلا تمتد إليه أيديهم بالبطش الذي يريدونه! ولم يسترح ولم يطمئن إلى أن يكون رهطه هم الذين يحمونه ويمنعونه من قومه ـ الذين افترق طريقهم عن طريقه ـ وهذا هو الإيمان في حقيقته.. أن المؤمن لا يعتز إلا بربه ولا يرضى أن تكون له عصبة تخشى ولا يُخشى ربه! فعصبية المسلم ليست لرهطه وقومه إنما هي لربه ودينه | |
|